لم يتوانَ عن الدخول إلى حجرة أبيه بخطوات مسرعة، ولم يتأنَ في قوله: أنا في حاجة إلى المال عاجلاً، فصديقي قد أصابه حادث على الطريق، وهو يحتاج إلى عملية جراحية فورية. وأبوه الذي كان رقيق الحال، ولكنه كريم النفس، صدّقه وأعطاه ما طلبه منه، ولم يشعر بالندم أو الشك، ولكن يا للعجب! فقد كان الابن يكذب عليه، ويستغل رحمته وحنانه، لينفق المال في شراء المخدرات، ويهلك نفسه ويضيع عقله. فكيف يفكر مدمن المخدرات؟ وما هي دوافعه ومبرراته؟ وما هي آثاره على نفسه ومجتمعه؟ هذا هو موضوع مقالنا الذي سنبحث فيه بإذن الله.
افتح عينيك واتبعنا في جولة داخل ذهن المدمن لتشاهد كيف تختلف طريقة تفكيره عن طريقتنا ، وما هي الآثار التي تنتج عن ذلك من ردود فعل و نود أن ننبهك أنك ستلاحظ بعض التناقضات في الكلام الذي سنذكره.
لا تدع هذا يحيرك فهذا بالضبط ما يميز طريقة تفكير المدمن ، فهي متناقضة ومضطربة وربما تفسر لك النزاع الداخلي الذي يعاني منه والسلوكيات المتنافرة والمزاجية التي يعيشها باستمرار وهذة بعض الأفكار التي تدور داخل تفكيرة.
هذا هو الهدف الوحيد حيث كيف يفكر مدمن المخدرات، فشهوته للمخدر تتغلب على كل شيء آخر ، ولا يقدر على مقاومتها حتى لو أراد ذلك. فالمخدر يسيطر على وظائف دماغه ويصبح ملاذه الوحيد للتكيف مع الواقع. وهو مستعد للتنازل عن أي مسؤوليات أو القيام بأي أفعال من أجله ، حتى لو كانت تنطوي على ارتكاب جرائم سرقة أو عنف. وهذا ما يجعله بحاجة ماسة إلى الالتحاق بأحد مراكز علاج الإدمان فورا.
“أنا أستطيع التحكم في التعاطي أو الإقلاع في أي وقت” هذا كيف يفكر مدمن المخدرات و ما يقوله المدمن لنفسه وللآخرين ، فهو لا يقبل وجود مشكلة أو أنه وقع في براثن الإدمان. فهو يعيش في وهم صنعه له المخدر ويظن أنه قادر على الإقلاع في أي وقت يشاء.
حتى عندما يواجه حقيقة إدمانه ، سيبحث عن العذر والمبرر لنفسه وسيحمل اللوم على الآخرين وسيقول إنهم هم من دفعوه إلى هذا الطريق.
“يجب علي أن أتوقف عن التعاطي” “لا ، أنا أحتاج المزيد من المخدر لأشعر بالسرور”
هكذا يتناقض المدمن مع نفسه ، فعندما يدرك وجود مشكلة ، يعجز عن الإقلاع عن التعاطي حتى لو أراد ذلك. فهناك صوتان في داخله ، واحد يحثه على الانتهاء من إدمانه والآخر يقول له إنه لا يمكنه العيش بدون المخدر. وفي النهاية ينتصر الصوت الثاني ويزيد من الإدمان.
كيف يفكر مدمن المخدرات؟ مدمن المخدرات معزول عن العالم الخارجي تماما ومنفصل عن الواقع. فهو لا يستطيع التفاعل مع أي حدث يحدث حوله وكل ما يهمه هو المخدر.
كيف يفكر مدمن المخدرات؟ مدمن المخدرات يفكر فقط في الكذب وابتكار أكاذيب ليخفي بها إدمانه عن الآخرين. ويتظاهر بأنه لا يوجد أي تغيير في سلوكه أو عاداته الجديدة.
“كيف سأحصل على المخدر؟” “لقد نفد مخزوني منه” “كيف سأجمع المال للشراء؟”
هذا ما يملأ يوم المدمن بالقلق والتوتر من نفاد جرعات المخدر ، والخوف من عدم توفره أو مواجهة أعراض الانسحاب.
المدمن يشعر بالذنب والخجل من نفسه ويعتبر نفسه أدنى من جميع الناس، ليس لديه أي قوة على السيطرة على إدمانه ويفقد الثقة في نفسة بل ويستحقرها ايضا.
الكذب هو واحد من أبرز سمات مدمن المخدرات، وهو يستخدمه كوسيلة لإخفاء إدمانه أو تبريره أو الحصول عليه و مدمن المخدرات يكذب على نفسه وعلى الآخرين، وينكر وجود مشكلة أو حاجة للعلاج و يكذب أيضًا على أسباب تعاطيه وعواقبه وكميته ونوعه.
يكذب للحفاظ على صورته وسمعته وعلاقاته، ولتجنب المسؤولية أو العقاب أو الانتقاد. يكذب للتغلب على مشاعر الذنب والخجل والنقص التي تنتابه كما يكذب للحصول على النقود أو المخدر أو الوقت اللازم لتعاطيه ويكذب لأنه يعتقد أن الكذب هو الحل الوحيد لمواجهة الواقع القاسي الذي يعيشه.
الإجابة على هذا السؤال ليست بسيطة، فقد يكون المدمن على دراية بإدمانه، ولكنه يحاول إنكاره أو تجاهله أو تقليله. قد يعتقد أنه يستطيع التحكم في تعاطيه أو التوقف عنه في أي وقت يشاء و قد يرفض أن يقبل بأنه مريض بالإدمان، ويعتبر نفسه مجرد مستخدم عادي أو متعاطي ترفيهي أو محتاج للمخدر للتخفيف من ضغوط الحياة كما انه قد يكون أيضًا على علم بإدمانه، ولكنه يشعر بالعجز أو اليأس من تغيير حالته وقد يخشى من مواجهة الحقيقة أو الاعتراف بها أو طلب المساعدة وربما يكون مقتنعًا بأنه لا يوجد علاج أو أمل له، وأنه محكوم عليه بالإدمان مدى الحياة لذا علينا دائما معرفة كيف يفكر مدمن المخدرات.
المخدرات تؤثر على عقل الإنسان بطرق متعددة ومعقدة، تبعا لنوع المخدر وطريقة استخدامه ومدة تعاطيه وحالة الشخص النفسية والجسدية، بشكل عام، تعمل المخدرات على تغيير التوازن الكيميائي للدماغ، وتقلل من قدرته على الإدراك والتفكير والتذكر والتعلم والتحكم في الانفعالات والدوافع.
المخدرات تضعف أيضًا القشرة الجبهية، وهي المنطقة المسؤولة عن التخطيط والحكم والتنظيم والاتخاذ القرارات. بالإضافة إلى ذلك، تؤدي المخدرات إلى تلف الخلايا العصبية والأوعية الدموية والمناطق الحساسة للدماغ، مما يزيد من خطر الإصابة بالسكتة الدماغية أو الخرف أو الاكتئاب أو الفصام أو الصرع أو السرطان أو العدوى.
وفي خضم حديثنا عن كيف يفكر مدمن المخدرات لزم التنوية ان متعاطي المخدرات يتمتعون ببعض الصفات المشتركة، والتي تنشأ من تأثير المخدرات على شخصيتهم وسلوكهم وقيمهم. بعض هذه الصفات هي:
متعاطي المخدرات يعانون من الخوف بأشكال ودرجات مختلفة، والذي يمكن أن يكون مصدرًا للإدمان أو نتيجة له. بعض أنواع الخوف التي قد يشعر بها مدمن المخدرات هي:
عندما تفهم كيف يفكر مدمن المخدرات ، يمكنك التعامل معه بشكل أفضل باتباع بعض النصائح الطبية التي تساعدك على التواصل معه وإقناعه بالعلاج.
وفي ختام كيف يفكر مدمن المخدرات فأن مدمن المخدرات يعيش في عالم مختلف عن عالمنا ، فهو يفكر ويشعر بطريقة متناقضة ومضطربة كما يحتاج المدمن إلى مساعدة ودعم وعلاج ليتخلص من هذا المرض الخطير الذي يهدد حياته.
لا يمكننا أن نحكم على المدمن أو نتجاهله ، بل يجب أن نتعلم كيف نتعامل معه بشكل صحيح وذلك عن طريق معرفة كيف يفكر مدمن المخدرات ونقنعه بالعلاج. فالإدمان ليس نهاية الطريق ، بل هو فرصة للتغيير والتحسن والتعافي.
مستشفى الحرية للطب النفسى وعلاج الادمان هي من أهم المستشفيات الرائدة فى علاج جميع حالات الادمان بأحدث الاساليب المتطورة والطرق العلاجية الحديثة
مدينة الفيوم – مصر
info(@)mentalhospital.net
0020-10-06222144
Designed by Horeya Dev